آخر الأخبار

انظم الينا على الفايسبوك

تسمية 1

تسمية 3

تسمية 4

تسمية 5

تسمية 5

lundi 26 novembre 2012

دراسة تضع الجزائر الأولى مغاربيا في انتشار ظاهرة العنف المدرسي

20 ألف تلميذ يتقاتلون بالخناجر داخل الأقسام ويعتدون على 5 آلاف أستاذ 
كشف  المجلس الوطني لثانويات الجزائر “كلا” عن أرقام مروعة حول تنامي العنف بالمؤسسات المدرسية في 2011، جعلت الجزائر تتصدر دول المغرب العربي بخصوص انتشار هذه الظاهرة، باعتبار 60 بالمائة من المتمدرسين اقترفوا تصرفات عدائية بالاعتداء على ما يقارب 5 آلاف أستاذ، منها 200 حالة صدرت عن تلاميذ بالصف الابتدائي، مع تسجيل 20 ألف حالة عنف بين التلاميذ، وانتقد المجلس تصريحات وزير التربية “المقزمة” لحادثة الاعتداء على أستاذ غليزان، التي اعتبرها أنها تشجع الظاهرة.
استنكر “الكلا” ما جاء على لسان وزير التربية حول صور الأستاذ المعتدى عليه في غليزان، وأكدت النقابة أنه في الوقت الذي تعمل فيه على البحث عن حلول للحد من ظاهرة العنف المدرسي التي أصبحت منتشرة بكامل التراب الوطني، يعمل الوزير على تفنيد الضرب الذي تعرض له هذا الأستاذ، حيث قال إن صور الاعتداء عليه التي نشرت لا علاقة لها بالواقع وأن “هذا الأستاذ الجديد في المهنة لم يضرب بتلك الطريقة التي تم إظهارها بها” واصفا ذلك بـ”الكذب”.
وأكد تقرير مجلس ثانويات الجزائر الذي وجهه إلى المسؤول الأول لقطاع التربية أن الصورة التي نشرت لأستاذ غليزان ما هي إلا عينة صغيرة لآلاف الحالات الخطيرة لظواهر العنف التي تسجل يوميا بالمؤسسات المدرسية، وأكد أن هناك حالات أسوأ من هذه الصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية المكتوبة، مشيرا إلى ظاهرة الاعتداء بالسكاكين والسيوف التي يكون أبطالها متمدرسون بالثانويات والمتوسطات، وكذا الاتجار في المخدرات، وتهديدات بالقتل… إلخ.
ودق المجلس ناقوس خطر تفاقم ظاهرة العنف التي تحاول الوزارة “تقزيم” خطورتها، وأكد على ضرورة تدخل كل الجهات المعنية للتصدي لها، خاصة وأن أرقاما مخيفة تسجل سنويا حول الظاهرة، مشيرا إلى آخر دراسة حولها متعلقة بسنة 2011 والتي سجلت أن 40 بالمائة من التلاميذ لهم سلوكات عدائية، في حين أن 60 بالمائة من مجمل 8 ملايين تلميذ لهم تصرفات وأفعال عنف.
وسجلت الدراسة 3500 حالة عنف حصلت بين تلاميذ الابتدائي، و13 ألف حالة في أوساط تلاميذ المتوسط، و3 آلاف في الثانوي، فيما اعتدى ما يقارب 5 آلاف تلميذ على أساتذتهم، والأخطر في القضية أن تلاميذ الابتدائي اعتدوا على 201 أستاذ، فيما اعتدى تلاميذ المتوسط على 2899 أستاذ، و1455 اعتداء حصلت من طرف الثانويين.
كما سجلت الدراسة اعتداءات بين الأساتذة إما لفظيا أو جسديا، وأحصت 501 اعتداء، فيما وصلت حالات اعتداء الأساتذة على التلاميذ وفي مختلف الأطوار 1942 حالة.
ونظرا لهذه الأرقام المرعبة بالجزائر والتي تركتها تتصدر قائمة بلدان دول المغرب العربي حسب الدراسة ذاتها، قرر المدرسون والأساتذة وإطارات التربية والنقابيون ونشطاء المجتمع المدني والمواطنون، بعد تواتر حالات الاعتداء اللفظي والمادي على الإطار التربوي من مدرسين وإداريين في التعليم الأساسي والثانوي، والتي تمثل “إهانة لكرامة الإطار التربوي ولحرمة المؤسسة التربوية”، قرروا تنظيم حملة بعنوان “أوقفوا العنف ضد الإطار التربوي”، لمطالبة الوزارة باتخاذ إجراءات عملية وعاجلة لتوفير حماية للإطار التربوي وفق ما يفرضه القانون.

فن العقاب... الوسائل التربوية البديلة عن العقاب الجسدي للأطفال


د. عبدالرحمن زنونى

إن التربية بالعقوبة أمر طبيعي بالنسبة للبشر عامة والطفل خاصة، فلا ينبغي أن نستنكر من باب التظاهر بالعطف على الطفل ولا من باب التظاهر بالعلم، فالتجربة العلمية ذاتها تقول: (إن الأجيال التي نشأت في ظل تحريم العقوبة ونبذ استخدامها أجيال مائعة لا تصلح لجديات الحياة ومهامها والتجربة أولى بالإتباع من النظريات اللامعة). والعطف الحقيقي على الطفولة هو الذي يرعى صالحها في مستقبلها لا الذي يدمر كيانها ويفسد مست

لنفرض أن طفلا رمى ورقة على الأرض. لا نقول إن هذا الطفل لم يخطئ ولم يحرم لا بل ننظر إليه ونوجهه قائلين: المسلم يا بني نظيف، أو هكذا تفعل المسلمة النظيفة.. فيخجل الصغير. وإنْ رفع الورقة عن الأرض يشجع ويقال له: بارك الله فيك.. أنت مسلم نظيف.
يحتاج المربون وسائل بديلة عن الضرب كعقاب عند ارتكاب الأخطاء ولتقويم سلوكهم فما هي أساليب العقاب التي يستخدمونها بعيدا عن الضرب.

أساليب العقاب التي يستخدمونها بعيدا عن الضرب
النظرة الحادة والهمهمة: (في السنة الأولى أو الثانية من عمره)

يعتقد أبو فراس أن نظراته الحادة كفيلة أن تردع أطفاله عن الخطأ وفي بعض الأحيان يضطر للهمهمة والزمجرة كإشارة منه إلى زيادة غضبه ويؤكد أبو فراس أن على الآباء والأمهات مراعاة أخطاء أبنائهم وأن يكون العقاب بحجم الخطأ فلا يعقل أن يكون عقاب الابن الذي تكاسل عن غسل يديه بعد الطعام مثل عقاب من سب جيرانه وشتمهم، فعلى الآباء أن يتدرجوا في ردود فعلهم وفق مستوى أخطاء أبنائهم.

الحرمان من الأشياء المحببة إليه : (في السنة الثالثة)
يلجأ الكثير من الآباء والأمهات إلى عقوبتهم بحرمانهم من الأشياء المحببة إليهم فيقول الأستاذ خالد حجاجرة إن ابنته في الصف الثالث تشعر بضيق شديد عند حرمانها من الذهاب إلى بيت جدها وعليه اغتنم هذه الوسيلة كثيرا لتأديبها، وتؤكد المعلمة سامية مراد -مركزة فرع الطفولة المبكرة في مدرسة خديجة بنت خويلد- أن حرمان الطفل من شيء يحبه أو لعبة يلعبها أو سلوك مشابه يردعه عن التصرف الخاطئ الذي قام به الابن حسب تفسير الأهل فرغبة الأهل أن يتعلم ابنهم أن هذا التصرف خاطئ أو مضر لمن حوله.

لكن الحرمان يجب أن يكون لفترة محدودة فقط لساعة أو ليوم والعقاب يجب أن يتم بعد تكرار الخطأ عدة مرات والتوجيه له عدة مرات أيضا، فالحرمان الطويل يجلب الضرر النفسي للطفل.
مثال على الحرمان: الحرمان من مصروف أو نزهة، أو أي شيء يحبه الطفل كالدراجة، أو الأتاري، أو التليفزيون.

أن يترك يتحمل نتائج عمله بعد تنبيهه مسبقاً
مثال: مشكلة التأخر في الاستيقاظ من النوم، ينبه مسبقاً ثم يترك يتحمل العقوبة في المدرسة

الحبس المؤقت والإهمال : (من سنتين حتى 12 سنة)

يعتقد الأخصائي النفسي أيمن محمد عال أن هذا النوع من العقاب مفيد جدا رغم أن الكثيرين لا يستعملونه ويمكن تنفيذه من جيل سنتين فحينما يخطئ الطفل نفعل الآتي: تطلب من الطفل أن ينتقل إلى زاوية العقاب حيث يجلس على كرسي محدد في جانب الغرفة أو أن يقف في ركن من الغرفة.
يتم إهماله لفترة محدودة من الوقت وتوضع ساعة منبهة مضبوطة على مدة انتهاء العقوبة وهي من خمس دقائق إلى عشر دقائق كافية إن شاء الله، يطلب من الطفل التنفيذ فوراً بهدوء وحزم، وإذا رفض يأخذ بيده إلى هناك مع بيان السبب لهذه العقوبة باختصار، ولا يتحدث مع الطفل أثناءها أو ينظر إليه. وتأخذ أشكال الإهمال صورا أقسى حينما يدخل الأب أو الأم فيسلمون ولا يخصون ذلك الابن بتحية خاصة أو لا يسألون عن برامجه في ذلك اليوم أو مدح غيره من أبناء جيله أمامه على أن لا يكون ذلك إلا للعقاب عند الأخطاء الكبيرة وينصح عدم الإكثار من هذا الأسلوب إلا للحاجة الملحة.

وإذا انتهت العقوبة اطلب من طفلك المعاقب أن يشرح لك أسباب العقوبة حتى تتأكد من فهمه لسبب العقوبة.
إذا كرر الهرب من مكان العقوبة يتحمل عندها الحجز في غرفة تغلق عليه مع مراعاة أن الحجز في غرفة لا يستخدم إلا بقدر الضرورة الملحة ولمدة محدودة، والأصل الحجز في زاوية أو على كرسي في غرفة مفتوحة.

مدح غيره أمامه: بشرط أن يكون للعقاب فقط، وليس في كل الأحوال، كما ينبغي عدم الإكثار من هذا الأسلوب في العقاب لما في تكراره من أثر سيئ على نفس الطفل.
الهجر والخصام: على ألا يزيد على ثلاثة أيام، وأن يرجع عنه مباشرة عندما يعترف الطفل بخطئه.

التهديد: بعد أن تستنفد كل الوسائل التربوية الأخرى تضطر تخويف أبنائك وتهديدهم بالضرب وإذا أصر البعض على الخطأ الشديد ولم يأبهوا بتهديدك تضطر أخيرا لتنفيذ تهديداتك بالضرب غير المؤذي ولا المبرح.

شد الأذن: وقد فعله النبي (صلى الله عليه وسلم) كما أخرجه ابن السني، فعن عبد الله بن بسر المازني الصحابي (رضي الله عنه) قال: «بعثتني أمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقطف من عنب، فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه، فلما جئت أخذ بأذني وقال: يا غدر.

آخر العلاج الضرب: (لا يضرب الطفل قبل سن العاشرة)
الضرب آخر الوسائل وليس أولها وللضرب شروط وآداب ولا يكون إلا في الأمور الكبيرة كترك الصلاة ولكن يجب إن يسبقه الخطوات التأديبية السابقة وفي مشاركة د. أحمد قعدان المحاضر في أكاديمية القاسمي ما يغنينا في هذا الجانب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر'. (رواه أبو داود وحسنه).
عن انس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'مروهم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لثلاث عشرة'.(رواه الدار قطني).
أقصى الضرب للتأديب ثلاثة وللقصاص عشرة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 'لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود'.(أخرجه البخاري).
كان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - يكتب إلى الأمصار: لا يقرن المعلم فوق ثلاث، فإنها مخافة للغلام.
عن الضحاك قال: ما ضرب المعلم غلاما فوق ثلاث فهو قصاص.

وهناك شروط للضرب لابد أن تراعى :
- الضرب للتأديب كالملح للطعام (أي القليل يكفى والكثير يفسد).
- لا تضرب بعد وعدك بعدم الضرب لئلا يفقد الثقة فيك.
- مراعاة حالة الطفل المخطئ وسبب الخطأ.
- لا يضرب الطفل على أمر صعب التحقيق.
- يعطى الفرصة إذا كان الخطأ للمرة الأولى.
- لا يضرب أمام من يحب.
- الامتناع عن الضرب فورًا إن أصر الطفل على خطئه ولم ينفع الضرب.
- عدم الضرب أثناء الغضب الشديد وعدم الانفعال أثناء الضرب.
- نسيان الذنب بعد الضرب وعدم تذكير الطفل به.
- لا تأمر الطفل بعدم البكاء أثناء الضرب.
- لا ترغم الطفل على الاعتذار بعد الضرب وقبل أن يهدأ، لأن ذلك فيه إذلال ومهانة، وأشعره أنك عاقبته لمصلحته، وابتسم في وجهه، وحاول أن تنسيه الضرب.
- علموهم ثم عاقبوهم بالتى هى أحسن.

المصدر: موقع بيوتنا

ظاهرة الغش في الامتحانات وأثرها على المنظومة التربوية



هدفنا من طرح هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات الذي يتزامن ومرحلة الامتحانات الرسمية و النهائية هو لفت انتباه المربين والأولياء والمتعلمين من تلاميذ وطلبة والمسؤولين الإداريين في مختلف المستويات المنظمين لمختلف الامتحانات إلى سلبية وخطورة مثل هذه الظاهرة على الحياة المدرسية والجامعية ومصداقية التربية والتكوين وبالتالي التجنب للوقاية منها و محاربتها.



فماذا نقصد بالغش المدرسي؟
هو نوع من التحايل والخداع الذي يستعمله المتعلم (مهما كان مستواه) أثناء الفروض ،الاختبارات والامتحانات والمسابقات للإجابة على الأسئلة التي قدمت له قصد الحصول على نتائج جيدة وضمان النجاح.
فمن خلال هذا المفهوم نستخلص أن مثل هذا الفعل يعتبر سلوكا لا أخلاقيا يمس بآداب التعلم وبمصداقية التعليم

أنواع الغـــش المدرسي:
تتمثل أنواع الغــــش في الحياة المدرسية فيما يلي :
1 ــ الاستعانة بالغير أثناء الامتحانات .
2 ــ مساعدة الحراس( الأساتذة والمعلمين وغيرهم) لبعض التلاميذ على الإجابة .
3 ـ إنجاز الواجبات والتمارين المنزلية من قبل الأهل أو الأقارب والأصدقاء بدل التلميذ نفسه.
4 ــ نقل إجابات الفروض المنزلية عن الزملاء دقائق قبل الدخول الى المدرسة أو أثناء الحصص الدراسية كما هو مشاع.
5 ـ تقديم نقاط وهمية للتلاميذ أو الطلبة في الجامعات لم يحضروا للدراسة أو الامتحانات أصلا.
6 ـ تضخيم نقاط بعض التلاميذ في بعض المواد أو كلها لرفع نسب النجاح .
7 ـ تعمد الغياب بمبرر أثناء الامتحانات للإبقاء على النقطة الجيدة المحصل عليها في الفرض او في امتحانات السداسي الأول بالنسبة للجامعة .
8 ـ تبني دراسات ومذكرات تخرج من جامعات أخرى أو من الأنترنيت مع إحداث بعض التغييرات السطحية عليها وتقديمها على أنها من إنجاز الطالب (خاص بالجامعة).

سكولوجية المتعلم الذي يمارس الغش أثناء الامتحانات:
لفهم سلوك المتعلم الذي يمارس الغش نتناول الأعراض السلوكية التي سجلناها ميدانيا لدى الكثير من تلاميذ التعليم الاكمالي ،الثانوي وحتى الجامعي ما يلي:

1- كثرة الالتفات يمينا وشمالا وعدم الجلوس باعتدال واستقرار .

2- كثرة الحركة وبروز مظاهر القلق والاضطراب على وجه المتعلم وجسمه بصفة عامة .

3- تركيز النظر على الأستاذ أو المعلم الحارس لترقب غفلته والتفاته الى جهات أخرى أو اهتمامه بأمر معين.

4- تعمد إفساد أوراق المسودة و أوراق الامتحان ومطالبة الحراس بتغييرها من حين لآخر وبشكل متكرر بهدف تشغيلهم وتغيير وضعياتهم من خلال تنقلهم بين الصفوف وبالتالي افساح المجال لهم أو لزملائهم للقيام بعملية الغـش.

5- الإكثار من أوراق المسودة في الطاولة بهدف إدراج أوراق مشابهة لها معدة سلفا بينها حتى لا تلفت الانتباه

6- كثرة استفسار الأساتذة أو المعلمين المكلفين بالحراسة حول بعض الأسئلة ، الكلمات غير المفهومة حسب زعمهم أحيانا ، وفي أحيان أخرى حول الوقت لتسهيل عملية الغش.

7- كثرة مطالبة زملائهم بتسليم لهم ( القلم ، المسطرة، الممحاة ، الآلة الحاسبة.. وغيرها ) باذن من الأستاذ أو المعلم الحارس وخلالها تستغل فرصة الاتصال لالتقاط بعض الأفكار ، المعادلات ، القوانين …أو لتمرير بعض الإجابات .

8- التستر وراء الزملاء أو وضع اليد على الخد بشكل يخفي الشفتين من أعين الحراس للاتصال بصوت خافت مع الذين يقربونهم ، وحينما يقترب منهم بعض الحراس يتظاهرون وكأنهم يتكلمون مع أنفسهم .

9- التظاهر بأنهم يفكرون في الاجابة عن طريق النظر الى الحائط أو السبورة الا أن أعينهم بمثابة "كاميرا"مركزة على أوراق زملائهم الجالسين أمامهم لالتقاط بعض المعلومات خاصة في مدرجات الجامعة…

أهم الوسائـل التي يستعملها المتعلمون في الغـــش:
يلجأ الكثير من المتعلمين أثناء الاختبارات إلى عدة وسائل وطرق لتنفيذ عملية الغش وتتمثل في ما يلي:

1- إنجاز وريقات صغيرة توضع في الجيب أو في حافظة الأوراق بشكل يسهل استعمالها واللجوء إليها (وهي الطريقة الأكثر شيوعا).




2- الكتابة على المنديل أو وضع ورقة بداخله ، باعتبار أن إخراج المنديل من الجيب واستعماله لا يشكل شبهة ولا يشكك في نية المتعلم في اعتقاد المتعلم اتجاه الأساتذة الحراس .

3- الكتابة على المقلمة المئزر و الطاولة خاصة ( المعادلات ، النظريات ، القوانين ، التواريخ وحتى الدروس كاملة... وغيرها )

4- طي أوراق صغيرة ووضعها داخل الأقلام لتوظيفها شخصيا أو لتسليمها لزملاء آخرين عن طريق طلبهم له .

5- طي أوراق بشكل دائري وأنبوبي وإلصاقها تحت الطاولة أو الكرسي ليسهل استعمالها .

6- الكتابة على أوراق بيضاء بشوكة الفرجار أو بشيء آخر حتى تبدو وكأنها ورقة بيضاء يمكن الاستعانة بها دون أن يلتفت أحد على أنها مكتوبة .



7- استعمال المفكرة الإلكترونية خاصة بالنسبة للقوانين والتواريخ والمعادلات .
فكل هذه الوسائل وغيرها تتطلب تفكير عميق ، تخطيط وتنسيق دقيقين لإمكانية التحايل والغش دون أن يضبط ، حبذا لو وظف التلميذ هذا الجهد كله في برمجة وتنظيم المراجعة والدراسة خلال السنة لتفادي هذا التصرف السلبي .
أما بالنسبة لمذكرات التخرج والرسائل الجامعية يلجأ الطلبة إلى جامعات أخرى وطنية وأجنبية فيقومون بتصوير نسخ منها وإعادة كتبتها مع إحداث بعض التعديلات حول العينة ومكان إجراء الدراسة وغيرها .

الأسباب التي تــدفع إلى الغــــش :

من أهم الأسباب التي تُعوًد التلاميذ على الغش وتشجيعهم عليه ما يلي:

1- الاختبارات المدرسية ترتكز على الحفظ والاسترجاع للدروس فقط بمعنى أنها تقيس ذاكرة المتعلمين فقط.

2- أن غالبية الأساتذة والمعلمين يحاسبون التلاميذ أثناء عملية التصحيح على مدى وفائهم الحرفي لما قدموه لهم وفق للقاعدة التقليدية "بضاعتي ترد إلى " لذلك نظرا لصعوبة حفظ الكم الهائل من الدروس واستحالتها في بعض المواد لدى الكثير من التلاميذ جعلهم يلجئون إلى التحايل والغش .

3- نقص المراجعة لدى بعض التلاميذ وانعدامها لدى البعض الآخر ولجوئهم إليها في الأيام الأخيرة قبل الاختبار وهو ما جعلهم يجدون أنفسهم أمام حجم كبير من الدروس المتراكمة فينتابهم الشعور بالعجز والصعوبة في مراجعتها وفهمها في تلك المدة القصيرة لذلك يلجأون إلى التكهن والتوقع للدروس المحتملة في الاختبار فيركزون على بعض منها دون أخرى .
ونتيجة للشعور بعدم الثقة بالنفس التي تستولي على الكثير من المتعلمين للأسباب السابقة الذكر أصبح الحل السهل أمامهم هو التفكير في كيفية التحايل والغش لسد النقائص التي يعانون منها .

4- التعلق الكبير بالنقطة ودورها الاجتماعي من خلال التباهي والتفاخر بين الأسر والمتعلمين جعل الكثير من الأولياء يهددون أبنائهم بالعقاب والانتقام إذا لم يحصلوا على أكبر معدل وأحسن النتائج، فيجد المتعلمون أنفسهم مجبرين ومدفوعين إلى عدم الاكتفاء بمجهوداتهم الخاصة بل يلجئون إلى استعمال كل الوسائل التي توصلهم إلى تحقيق النتيجة التي ترضى أوليائهم ولو كانت لا تعبر على مستواهم الحقيقي وما أكثرهم.

5- تساهل بعض الأساتذة والمعلمين مع محاولات الغش وتواطؤ البعض الآخر معهم أثناء حراستهم في الامتحانات والاختبارات خاصة الرسمية منها مثل( امتحانات السنة السادسة أساسي ، شهادة التعليم الأساسي ، البكالوريا وحتى الامتحانات الجامعية والمسابقات الرسمية لمختلف الأسلاك… ).
ولذلك تتحول الحراسة في بعض الأحيان من حراسة التلاميذ إلى حراسة رؤساء المراكز والمشرفين عليها حتى لا ينكشف أمرهم ، والغريب في الأمر أن الكثير من التلاميذ يتباهون ويشكرون هذا النوع من الحراس على مساهمتهم الفعالة ، ويكرهون أولئك الذين يلتزمون بالصرامة ويؤدون واجبهم كما ينبغي . حتى بعض الأولياء يفرحون بذلك ويسايرون أبناءهم في هذا المسعى بل هناك من يوصى الحراس على التساهل لضمان نجاح أبنائهم .
والخطأ الكبير الذي يراه بعض أساتذة التعليم الثانوي خاصة المصححين لاختبارات شهادة البكالوريا الذين اكتشفوا العديد من المرات لحالات الغش لدى الكثير من التلاميذ ، يكمن في تكليف معلمي التعليم الابتدائي بحراسة شهادة البكالوريا دون أن يكون بينهم في بعض المراكز أي أستاذ من التعليم الثانوي حيث أن بعضهم لا يقدر خطر هذا التساهل في الغش ، والبعض الآخر صغير السن وقليل التجربة لا يقدر درجة المسؤولية الملقاة عليه .

6- تشدد بعض الأساتذة في التنقيط بشكل مبالغ ولا علاقة له بالتقويم الموضوعي كوضع حد أدنى للنقطة لا يتجاوز 14/20 مهما كانت إجابات التلاميذ صحيحة 100%. والبعض الآخر يتشدد كوسيلة ابتزاز ومساومة لتحقيق أغراض خاصة مثل ما يحدث في ما يسمى بالدروس الخاصة(حيث حسب بعض التلاميذ والأولياء الذين استجوبناهم في الموضوع يقولون أن أساتذة بعض المواد يعطون نقاط جيدة لزملائهم الذين سجلوا أنفسهم في دروس الدعم التي ينظمها ويحرم الآخرين منها ولو كانوا متفوقين لدفعهم إلى الالتحاق بدروسه الخاصة) . لذلك يجد الطلبة أنفسهم أمام وضع يدفعهم إلى التفكير في الغش كحل ضروري حسب اعتقادهم.

7- العوامل التقنية المشجعة على الغش ما يلي :
أ. الجلوس الثنائي في طاولة واحــدة ( خاصة الفروض المحروسة والاختبارات العادية )
ب. كثافة عدد التلاميذ داخل الحجرة الواحدة بحيث يصعب التحكم فيه ( خاصة الاختبارات التي تنظم في الجامعات ) .
جـ. نقــص عــدد الحـــراس في بعض الأحيان يجعل عملية الحراسة صعبة للغاية خاصة في المدرجات .
د. تكليف أطراف إداريــة أو شبــه إداريـة ليس لديهم تكوين بيداغوجي يؤهلهم لتقدير الأهمية التربوية للامتحانــات .

أخطـــار الغــــش على المستقبل الدراسـي للمتعلم وعلى المنظومة التربوية :

1- على التلاميـــــذ:
تتمثل الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على المستقبل الدراسي للمتعلم في ما يلي :
* أنها تشـــوه مستــواه الدراســي الحقيقـي وبالتالي تجعله يغتر بنفسه .
* أن نجاحه في مساره الدراسي مشكوك وغير مضمون نتيجة للصعوبات التي ستواجهه في المستويات العليا التي انتقل إليها نتيجة فقدانه للقاعــدة الأساسية في المواد التعليمية التي درسها .
بدليل أن الكثير من الأولياء يتفاجأون بنتائج أبنائهم حينما تنخفض بشكل ملفت للانتباه ( مثلا من بين الحالات التي عايناها تلاميذ تحصلوا في التعليم الأساسي على معدلات تتراوح بين 14 و 16 /20 في المعدل العام و في المواد الأساسية ( الأدبية والعلمية ) بينما حينما درسوا في التعليم الثانوي أصبحوا يتحصلون على معدلات تترواح بين 7 و 8 /20 سواء في المعدل العام أو في نفس المواد الأساسية السالفة الذكر .
* أنها تنمى في المتعلم روح التكاسل ، التهاون ، وعدم الاجتهاد في الدراسة والاعتماد على الغير و هو ما يجعل سلوكه الاجتماعي والأخلاقي عند سن الرشد وعند تقلده المسؤوليات مهيأ وله القابلية للتحايل والغش بل ستكون أحد أسس حياته بما أنه مقتنع بأنه ليست له القدرات المؤهلة لمنافسة غيره أو لإثبات وجوده وما أكثر هؤلاء في إداراتنا.

2- على المنظومة التربوية:
أما الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على المنظومة التربوية تتمثل في:
* تكريس الرداءة و السلبية في العمل التربوي .
* تفاقم ظاهرة ضعف المستوى الدراسي .
* ضعف نسب النجاح وارتفاع نسب التسرب المدرسي و التي تشكل عبئا ثقيلا على المنظومة التربوية من خلال كثافة الأفواج التربوية بسبب ارتفاع نسب الإعادة .
* فقدان السمعة الطيبة والمصداقية للمجرسة والجامعة الجزائرية كما هي عليه الآن .

الإجراءات الوقائيــة والعلاجيــــة لظاهرة الغش :
للتقليل من مفعول هذه الظاهرة ومحاربتها بشكل جذري تستلزم عدة إجراءات تربوية و تنظيمية تتكاثف فيها جهود جميع أطراف الجماعة التربوية (أولياء، أساتذة ومعلمين، إدارة، تلاميذ ومستشاري التوجيه المدرسي على مستوى المدارس ورؤساء الأقسام ومسؤولي الشعب والأساتذة على مستوى الجامعات) وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :



1- الإجراءات البيداغوجية:
أ. تحسيس وتوعية التلاميذ والأولياء والمربين جميعا بالأهمية التربوية والبيداغوجية للامتحانات والاختبارات ودورها في تقدير المستوى الدراسي ومعرفة جوانب النقص والقوة وتحسيسهم حول خطورة ظاهرة الغش على المستوى العلمي والمهاري والشخصي للمتعلمين.
ب. مساعدة التلاميذ عن طريق تعريفهم بمنهجية واستراتيجية المراجعة من خلال وضع روزنامة للمراجعة المستمرة لجميع الدروس قصد تعزيز ثقتهم بأنفسهم وضمان استعدادهم الدائم لكل الأسئلة والفروض أو الاختبارات .
جـ. تجنب الأسئلة التقليدية التي تعتمد على الحفظ الببغائي للدروس مع الاعتماد على الأسئلة التي تقيس المستويات العقلية الأخرى ( كالفهم ، التحليل ، التطبيق ، التركيب ، الاستنتاج )لتدريب المتعلمين على كيفية توظيف المعلومات التي تعلموها واستوعبوها في حل مشكلات مطروحة.
د. تجنب العقلية التي تلزم المتعلمين التقيد الحرفي بما قدم له من طرف الأستاذ من معلومات وطرق وفق المبدأ الشائع " بضاعتي ترد إلى " بل تعويد التلميذ على الاجتهاد والإبداع في إيجاد الجواب الصحيح والمطلوب حسب مراجعاته ومعلوماته الخاصة{ لأن الفائدة من عملية التعلم ليس تخزين المعلومات واسترجاعها بل كل الفائدة تتمثل في تنمية القدرة على التفكير العلمي والموضوعي و في القدرة على التوظيف للمكتسبات العلمية في حل المشكلات الحياتية والدراسية المتنوعة}.
هـ. وضع سلم تصحيح دقيق لكل أبعاد كل سؤال مع الإجابات النموذجية المحتملة لكل سؤال من أجل الموضوعية في التقييم و السماح حتى للمتعلم بتنقيط نفسه بنفسه.
د. تعويد المتعلمين على إنجاز أعمالهم بأنفسهم ولو كانت فيها صعوبات ،على أن تقتصر عملية المساعدة على التوجيهات والإرشادات حول منهجية العمل فقط لتنمية فيهم روح الاعتماد على النفس(مسؤولية الأولياء في البيت).

2- الإجراءات التنظيميــــة :
أ. إجراء الامتحانات في قاعات الدراسة مع تجنب القاعات الكبيرة والمدرجات بهدف التحكم في عملية الحراسة .

ب. التقليل من عدد التلاميذ في كل حجرة إلى أقصى حد كلما أمكن لنفس الغرض السابق ( 20 تلميذ في كل قاعة على الأكثر ).

جـ. تجنب الجلوس الثنائي والمتقارب بين التلاميذ الممتحنين سواء في الفروض أو الاختبارات أو المسابقات لمنع أي شكل من أشكال الاتصالات المذكورة سابقا .

د. تشديد الحراسة مع ضرورة تفهم حركات وسلوك كل ممتحن تجنبا لسوء الظن والاتهام المجاني لبعض منهم . وأحسن طريقة للحراسة هي تلك التي يكون فيها جلوس الحراس من وراء الممتحنين و السر في ذلك يكمن في أن هؤلاء حينما يعرفون بأن الحارس موجود ورائهم يخافون من الالتفات يمينا أو يسارا لاعتقادهم بأنه يركز نظره عليهم .

هـ. عدم التسامح مع الذين يتساهلون أو يتواطئون في عملية الغش المدرسي .

و. كما يستحسن تنظيم الفروض المحروسة بنفس الكيفية التي تنظم بها الاختبارات الفصلية والرسمية من خلال التنظيم الجيد وتجنيد كل الأطراف حتى تعطى لها المصداقية أكثر.

ز. بالنسبة للغش في المذكرات الجامعية يستحسن وضع بنك معلومات عن طريق جرد وطني لكل الدراسات والمذكرات المنجزة على مستوى شبكة الأنترنيت والأنترانيت للمراقبة الدورية لكل الدفعات الجامعية حتى على مستوى الأقسام مع ضرورة التفكير في كيفية التنسيق والتعاون بين الجامعات العربية والعالمية حول محاربة الظاهرة وعقوبة الغشاشين والمتورطين أو المتواطئين معهم حفاظا على أخلاقيات التكوين الجامعي.

منقول

المدرسة مدرّسة!

المدرسة مدرّسة!

"حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي، يدعى تيدي ستودارد.
لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علامات x بخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق.
وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون، كان يُطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما.
لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق".
وكتب عنه معلمه في الصف الثاني: "تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب"
أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات".
بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: "تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس".
وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها عما بدر منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق، ما عدا تيدي. فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط.. ولكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي!
وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة!، ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة، والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة "معلمة فصل"، وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت استجابته أسرع، وبنهاية السنة الدراسية، أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ المدللين عندها.
وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي، يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة قابلها في حياته"
ومضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله، وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.
وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه: "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن"
وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور إف. ستودارد!
لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك"، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد!
واحتضن كل منهما الآخر، وهمس الدكتور ستودارد في أذن السيدة تومسون قائلاً لها: "أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون متميزاً".
فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها: "أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبدعة ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك"
تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.
لا أريد التعليق كثيراً على هذه القصة، وسأترك الأمر للقراء الأعزاء ليعلق كل بطريقته، ومن الزاوية التي يريد، فالقصة مليئة بالمعاني والعبر المختلفة."

كيف تتهيأ للامتحانات الرسمية نفسيا وتربويا..


خالد عبد السلام
كثيرا ما يجد بعض التلاميذ مشكلات في التحضير للامتحانات الرسمية، فيقعون ضحية التسرع أو الضغط النفسي اللذان يسببان لهم التوتر والقلق أو يجعلهم لا يستطيعون تذكر ما راجعوه أثناء الامتحان نفسه. والسر في ذلك ليس الامتحان نفسه بقدر ما له علاقة بكيفية التحضير والاستعداد والتصورات التي يكونونها حول هذا الامتحان، إضافة إلى الضغوط التي تمارسها الأسر على أبنائها في الأيام الأخيرة قبل الامتحانات خاصة شهادتي التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا. وبناء على ذلك نقدم هذه التوجيهات والقواعد العلمية في التحضير النفسي والتربوي من اجل مساعدتهم على تجاوز مثل هذه المشكلات.
أولا عليك أيها الطالب بالقناعات والمسلمات المبدئية التالية:
أن تفهم ماذا تمثل الدراسة بالنسبة إليك؟ وتعرف بأنها تمثل مستقبلك، وأنها الوسيلة التي بها تبني شخصيتك. و بها تحقق الدور و المكانة الاجتماعيين اللذين تنشدهما في حياتك.
ومن أسس النجاح في الحياة الدراسية المبادئ التالية:
1ـ الجدية والانضباط في الدراسة
2- تجنب كل مظاهر التهاون واللامبالاة.
3ـ العزيمة والإرادة.
4ـ النظام والتنظيم في العمل.
5 ـ الاعتماد على النفس.
6 ـ الثقة بالنفس.

وكيف تبني ثقتك بنفسك؟ تبنيها: بالمراجعة والمطالعة الدائمة والمستمرة، بالمشاركة الفعالة داخل القسم وخارجه، وبالاقتناع التام بأن مستقبلك تصنعه بيديك. وبأنه لا يوجد أمر مستحيل في هذه الحياة بل كل شيء ممكن لك وفي متناولك، والإيمان بأنه لا يوجد فشل بل توجد تجربة وبعد المحاولة يمكن النجاح.

ما هو امتحان شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط ؟
هو امتحان عادي كسائر الامتحانات، له نكهته الخاصة من حيث: طبيعة التنظيم، عدد التلاميذ والحراس داخل القاعة، التجنيد الكبير أمنيا وإداريا وأسريا، وهو محور اهتمام كل أفراد المجتمع.

و هل هناك مبرر للقلق والحيرة على البكالوريا أوشهادة التعليم المتوسط أو أي امتحان آخر؟
اعلم أن الحيرة مشروعة لأنها تجعلك:
1ـ تجند كل طاقاتك من أجل التحضير الجيد لها.
2ـ تبحث عن كل الحلول الممكنة للمشكلات المطروحة.
3 ـ وبالتالي تجعلك تفكر أكثر في النجاح.

بينما القلق والخوف غير مشروع وغير مبرر، لأنهما يجعلانك:
1ـ تفكر في الرسوب وعدم النجاح أكثر.
2ـ فتركن للاستسلام .
3ـ تستثقل الدراسة والمراجعة.
4ـ ترى في النجاح أمرا مستحيلا.
5ـ فتضعف إرادتك و يتشتت تفكيرك.

وفي نفس الوقت حتى تطمئنوا وتزداد ثقتكم بأنفسكم أكثر يجب أن تعلموا أنكم ستمتحنون: على الأشياء التي درستموها، معنى ذلك أن الأسئلة التي ستطرح عليكم تعرفون إجاباتها، وموجودة في كراريسكم وكتبكم. فإذ كنتم إذن على علم مسبق بالأجوبة على الأسئلة المحتملة فهل يوجد لديكم مبرر للقلق والتهويل لشيء عادي وطبيعي؟.

وماذا يجب أن تفعلوا في هذه الأيام المتبقية؟
استكمالا لما بذلتموه من جهود طيلة السنة أكملوه في هذه الأيام بالمراجعة بانتظام وفق جدول أسبوعي تنوعون فيه بين المواد الدراسية غير المتشابهة في الفترات الزمنية المتقاربة، وأكثروا من التمارين والتطبيقات فرديا وجماعيا. وأنجزوا الملخصات بالنسبة للدروس النظرية من أجل فهمها بدل حفظها ببغائيا.

أما الثلاث أيام الأخيرة فهي: للاسترخاء والاسـتراحة بشكل جيد من خلال النوم المبكر والقيلولة من أجل الراحة النفسية والجسمية والعقلية وتجديد طاقة التركيز والانتباه.

وفي لـــيلة الامــتـحانات عـليك بـ:
1ـ الاستجمام . (الاستراحة النفسية و الجســمية والعقلية) .
2ـ النوم مبكرا. (الراحة والمعنويات المرتفعة).
3ـ تحضير الأدوات والوثائق اللازمة (السيالات، الممحاة، المسطرة ..) في حافظتك الخاصة .
4ـ لا تنس أن تأخذ معك الاستدعاء وبطاقة التعريف الوطنية.

كيف تتعامل مع أسئلة الامتحانات:
1 ـ قراءة الأسئلة عدة مرات بهدوء واستقرار وفق ترتيبها مع تجنب :
أ ـ القراءة المتسرعة .
ب ـ او الانتقال من اول سؤال الى آخر سؤال ثم الى الوسط وهكذا.

2ـ تسطير المصطلحات والكلمات الواردة في كل سؤال (الكلمات المفتاحية).

3ــ عليك بضبط وتحديد الموضوع الذي يدور حوله كل سؤال في المسودة.

4ــ ثم عليك بتحديد المطلوب في السؤال بالضبط وبشكل دقيق.

5 ـ إن كانت هناك اسئلة اختيارية: فكر جيدا قبل اتخاذ القرار، في أي من الأسئلة التي تحس بأنك فهمتها واستوعبتها بشكل جيد.

6ــ وضع مخطط للإجابة (ليوجه تفكيرك وينظمه وحصر المعلومات اللازمة لكل سؤال).

7ــ تسجيل جميع الأفكار، النظريات، القوانين والمعلومات التي تعرفها وتتبادر الى ذهنك وتتذكرها.

8ـ التسجيل الفوري للأفكار والمعلومات التي قد تتذكرها أثناء الاجابة.

9ــ عليك الالتزام بالمنهجية المنطقية في التحليل والإجابة.(خطوات الاجابة)

10ــ عليك بالبدء دائما بالأسئلة السلهة،(التدرج من السهل إلى الصعب).

11 ــ عليك باستعمال أوراق المسودة اولا وبعد مراجعتها تدون المحتوى في ورقة الاخـتبار .

12ــ عليك أن تكتب بخط واضح ومفهوم مع تجنب التشطيب حتى تراعي الخــصائص النفسية للمصححين لأن هناك:
أ ـ من هو هادىء قــد يصبر على قراءة الورقة من بدايتها الى نهايتها رغم رداءة خـطها.
ب ـ من يمتاز بالانفعال الشديد لأبسط شيء والمرهق و بالتالي قد لا يصبر على قراءة كل الورقة نتيجة(رداءة الخط).

13ــ تجنب كثرة الالتفات والحركة يـمينا ويسارا أثناء الامتحان لأن ذلك (شرود الذهن).

14ــ استغلال كل وقت الامتحان فلا تهتم بزملائك ان خرجوا قبلك وبقيت وحيدا.

15 ــ مراجعة ورقة الامتحان قبل تقديمها للمراقبين.

هذه أهم الاستراتيجيات التي استخلصتها من تجربتي الميدانية في عمليات الإرشاد النفسي والتربوي لطلبة شهادة التعليم التوسط والبكالوريا و مع طلبة الجامعة، والتي تتوافق مع نظريات علم النفس السلوكي المعرفي المعاصرة.

توجيهات تربوية للمعلمين



أ. أمحمد عكي علواني

قبل التعرض لصميم الموضوع يجدر بنا أن ننوّه السادة المعلمين بأننا لا نريد من هذه التوجيهات التربوية سوى وضع معالم مساعدة لكم على إثارة بعض التساؤلات تثرون بها تجاربكم الميدانية والهدف منها بالدرجة الأولى الوصول إلى استثارة فاعلية المتعلّم التي تعتبر أساس العملية التعليمية التعلُّميّة.

والنقطة الثانية التي يجدر تذكيركم بها هي أن كل عملية تربويّة، بل وكلّ عمل نبيل وبنّاء يرمي بالضرورة إلى تحقيق أهداف ساميّة وكلّ الجوانب الأخرى تُعتبر وسائل تخدم هذه الأهداف وتسعى إلى تحقيقها، ولا أريد في هذه العجالة أن أبسط أمامكم الأهداف التربويّة، والأخلاقية، والاجتماعية...الخ المتوخّاة من العمل التربوي، والتي ترمي أساسا -كما تعلمون– إلى إكساب الطفل مهارات وكفاءات محدّدة في المناهج الرسميّة ومستمدّة من المشروع الاجتماعي للأُمّة، هذا المشروع الذي -مع الأسف الشديد– لم تحدد بكيفيّة دقيقة معالمه، وهذا سبب من الأسباب التي جعلت المدرسة الجزائرية عرضة لمختلف التيارات المتباينة يمينية ويسارية، ومع ذلك يجدر بالمعلم قبل الشروع في عمله التربوي أن يطّلع على أهداف كلّ سنة من سنوات الدراسة ليتسنّى للمربي أن يُصوّب نحوها سهامه، وليتمكّن من تقديم عمله في ضوء تلك الأهداف.

والعنصر الأساسي الذي يلعب دورا رئيسا في تحقيق تلك الأهداف التربوية قصد إعداد الأجيال الصاعدة هو المعلم المربّي، ولا يتأتى له تحقيقها إلاّ إذا أدرك مهمّته التربوية تمام الإدراك، وعلى أنّه يمثّل القدوة لمجوعة من الأطفال المسؤول على تكوينهم وتوجيههم، ووعى أن التربيّة كلٌّ لا يتجزّأ بحيث أن الطفل يتأثر بمحيطه المدرسي وبالطريقة التي يتلقّى بها دروسه وبالمعلومات التي يكتسبها وسلوك معلّميه وتصرفاتهم وطريقة العمل والتعامل معهم والتنظيم ... الخ

لذلك على المعلم والمربي اللبيب أن يجعل أعماله وتصرّفاته وطرق عمله وسائل حيّة لتربية الطفل ومن هذا نستنتج أن تقنيّات التدريس لا تعني وجود تقنيّات جافّة مثل التقنيات الخاصة بمهنة أخرى، وآلية غير قابلة للتطوير والتكيّف. وإنّما هي وسائل تخدم الجانب التربوي وتساعد كائنا حيّا عاقلا ومعقّدا على النمو من الجوانب المختلفة التي تمسّها العملية التربوية. والتعامل مع الإنسان ليس كالتعامل مع آلة بحيث يتطلّب من المتعامل القدرة على التصرّف والتكيّف والكياسة، ولعلّ أوّل مشكل يصطدم به المعلم المبتدئ بالخصوص هو علاقته بتلاميذه وطريقة معاملتهم، وعليها يتوقّف نجاحه أو فشله في عمله التربوي، وإذا فشل المعلم - لا قدّر الله – في التحكّم في زمام قسمه فما عليه إلاّ أن يحزم حقائبه ويغادر المدرسة.

ولتجنّب هذا الفشل الذي يجرّ له متاعب كثيرة ننصح المعلم الفاضل بالتحلّي ببعض الصفات التي يمكن إجمالها فيما يأتي:
أ)- صفات شخصية:
1- الاعتناء بالهندام: لبس المئزر، والثياب الملائمة.
2- الهيئة: الشعر، النظافة.
3- الحزم: في اتخاذ الإجراءات المناسبة القابلة للتنفيذ، والحرص على تنفيذها
4- العطف: حب الأطفال مع عدم التودّد إليهم، بل يكفي الاهتمام بهم وبحالاتهم.
5- العدالة: يقول المثل " العدل أساس الملك " الحرص على تطبيق مبدأ العدالة في المعاملة بعدم إظهار التحيّز
لبعض التلاميذ، والقسوة على بعضهم مهما كانت المبرّرات، والعدل في الاهتمام بهم جميعا ( محاولة
إشراك كلّ طفل في العمل مهما كان مستواه )،
العدل في التقويم ( الاختبارات، الإجابات، الأعمال ...الخ)
العدل في مراعاة المدارك المختلفة ( إن أردت أن تُطاع فمر بما يستطاع )
6- الرزانة والاتزان: في العمل، في مواجهة تصرفات بعض الأطفال.

ب)- طريقة العمل:
1- النظام: - في الدخول والخروج ( لاسيما الأيّام الأولى )
- في الجلوس وتنظيم المقاعد والأدوات والوسائل.
- في تقديم مراحل الدرس.
- في استخدام الوسائل ( السبورة، وسائل الإيضاح، توزيع الوثائق وجمعها ... )
2- النظافة: - نظافة القسـم
- تدريب التلاميذ على رمي الأوراق في سلات المهملات.
- نظافة الطاولات ( مراقبتها وعدم السماح للتلاميذ بالكتابة عليها )
- السبورة: مسحها على الأقل بالطلاسة المبلّلة ثمّ إعادة مسحها بالطلاسة الجافة.
- التلاميذ: مراقبة نظافة الجسم، الثياب، الشعر، الهندام ... الخ
3- الوسائل: - جمعها ( صور، إشراك التلاميذ في جمعها، مجلات، الاستعانة بأستاذ الرسم )
- اِستغلال صور الكتاب إلخ.
- الأوساط الطبيعية، المنشآت، العادات، والتقاليد، الرحلات، المناسبات الدينية، الوطنية، الأحداث والحوادث
- حسن استعمال الوسائل واستغلالها، الطباشير الملوّنة، التسطير الجيّد، الكتابة الواضحة، تدريب التلاميذ على حسن استعمالها.
- الوسائل السمعية البصرية: طريقة استعمالها، اختيار وقت عرض ما يمتّ للدرس بصلة.
4- الوثائق: - اعتناء الأستاذ بالوثائق ( كراس التحضير، التقويم، متابعة التلاميذ )
- التلميذ: توجيهه إلى العناية بوثائقه ( كراريس، كتب ... الخ )، مراقبتها باستمرار وتصحيحها، وتدريب التلاميذ على التحسَن في استعمالها.
- مصادر المادة: الاستعانة بها في التحضير، لتوسيع المعارف، والتأكد من صحتها ( معاجم، كتب الحديث، المصحف الشريف..إلخ. ).

جـ)- الإعـداد:
إن أي عمل لا يعتمد التحضير الجيّد والمحكم والخطّة الواضحة قبل إنجازه يكون عرضة للفشل الذريع وتضييع الوقت سدًى وبذل مجهودات دون طائل، والعمل التربوي يتوقّف بنجاحه بالدرجة الأولى على الإعداد المحكم للدروس مهما كان مستوى المعلم ومقدرته، والغاية من ذلك:
1)- تحديد الأهداف الخاصة بدقّة لكلّ حصّة ليتسنّى - إثر ذلك – للمعلم اختيار المعلومات والوسائل
والطرائق المحققة لتلك الأهداف وبعد ذلك عملية التقويم
2)- تحديد المعلومات التي يُراد تدريسها في زمن محدّد ولسنة معيّنة مع مراعاة المستوى العقلي والزمني
والمعرفي لهذه السنة بما فيها الفروق الفردية والمستويات المختلفة إضافة إلى ذلك مسايرة البرامج الرسْميّة
3)- اِختيار الطريقة والأساليب المناسبة للمادة والأطفال والتي يمكن عن طريقها استثارة فعالية التعلّم لديهم
لاكتساب معارف ومهارات وسلوكات.
4)- أضف إلى ذلك ما يجنيه الأستاذ نفسه من توسيع دائرة معارفه وتجديدها إذا لم يقتصر على الكتب
المدرسية بل كلّف نفسه بعض العناء للاطلاع على أمهات الكتب والمصادر.
5)- جمع الوسائل المساعدة واختيارها والتفكير في طرائق استعمالها.
وعلى الأستاذ أن يراعي في هذا التحضير الجانبين التربوي والمعرفي متوخّيا الطرق والأساليب التربوية النشيطة التي تجعل الطفل محور الدرس تحفزه إلى البحث والتحليل والنقد والمقارنة والملاحظة والاستنتاج والتطبيق والممارسة ...
ولا يتأتّى له ذلك إلاّ إن أحسن اختيار المعلومات وتكييفها لتتناسب ومستوى أطفاله وطعّمها بعناصر التشويق والإثارة ولا يمكن بلوغ هذه الغاية إلاّ بالتحضير الدقيق والجيّد للدرس وهضم الأستاذ لها تجنّبا لمساوئ الارتجال وفقدان ثقة تلاميذه فيه ويصبح حينئذ عرضة للسخرية والإهانة وينبغي على الأستاذ في نهاية كلّ حصة التساؤل عن مدى تحقيق الأهداف المحدّدة، والأسباب التي حالت دون تحقيق بعضها وتسجيل ذلك في دفتر التكوين .

د)- المنهجـيّة:
وممّا تجدر الإشارة إليه هو أن التعليم في المدرسة الابتدائية حاليا يعتمد على الشكل المحوري المبني على أساس التكامليّة بين الأنشطة ويدعى ذلك بالأنشطة الخارجية، بحيث يمكن ملاحظتها بشكل دقيق في المواد اللغوية والاجتماعية على وجه الخصوص ويمكن استغلال ذلك لتثبيت المعارف في أذهان التلاميذ من جهة، ومن جهة أخرى استغلال بعض العناصر المشتركة للانطلاق من المعلوم إلى المجهول ومن السهل إلى الصعب ... الخ

كما أن التعليم المحوري يظهر جليّا في التكامليّة الداخلية التي تتمّ على مستوى النشاط الواحد، فمثلاً أنشطة اللغة العربية تدور حول محور واحد يدرسُه الطفل لمدة معيّنة، فمثلا التعبير في السنة الأولى تمهيدا للقراءة، كما أن القراءة في حدّ ذاتها تعتبر في هذه السنة وغيرها من السنوات أرضيّة لغويّة وفكرية للتعبير الشفوي والكتابي وهذان النشاطان يمهدّان الأرضيّة لدرس التراكيب النّحويّة والصرفيّة التي تعتبر في المناهج الجديدة جزءً من الأنشطة اللغوية لا يمكن تدريسها مستقلّة باعتبارها وسيلة لصيانة اللسان والقلم من الخطأ لا غير. في التربية الرياضية مثلا هناك علاقة وطيدة بين العمليات الأربعة وتعتبر هذه الأخيرة أدوات لحلّ المسائل وحتّى لتطبيق بعض الأشكال الهندسية.

ولذلك فإن لكلّ نشاطٍ أهدافا محدّدة على أساسها يمكن اختيار الطرائق والأساليب الملائمة فمثلا تدريس القراءة المشروحة تختلف عن المطالعة الموجّهة وهذا ناتج عن اختلاف أهدافها ولا يعني ذلك أنّه لا توجد بين الأنشطة قواسم مشتركة، ومهما اختلفت الأهداف والمنهجيات فإن هناك أهدافا مشتركة بين مختلف الأنشطة لاسيما الأنشطة العلمية واللغوية والاجتماعية.
1)- الابتعاد عن طرائق التلقين التي تجعل الأستاذ المبلِّغ والتلميذ المُتلقّي، فإن هذه الطرائق قد تحقق الأهداف المعرفيّة إذا كان المبلّغ ماهرا في طريقة التبليغ لكنَها لا تحقَق الأهداف التربوية التي تكسب التلميذ مهارات في التفكير والتحليل واستعمال قواه العقلية
2)- الاعتماد على الطرق النشيطة التي تدفع الطفل إلى الملاحظة والتنقيب والبحث والمقارنة والتجريد والتعميم والاستنتاج وبصفة مختصرة التي تجعل الطفل محور الدرس عملا بالقاعدة التربوية القائلة " لا يدرك الطفل إلاّ ما اكتشفه بنفسه أو شارك في اكتشافه"
3)- ربط المعلومات بواقع التلميذ المعيشي وخبراته بدل جعله أسير الكتب والنظريات الجاهزة
4)- اِستعمال الوسائل من ضروريات المهن فكيف الحال بمهنة التدريس التي تتعامل مع كائن حيّ عاقل يتمتّع بالحواس، هذه الحواس التي تمثّل نوافذ للتعلّم وكيف يستغل الطفل هذه الأجهزة الطبيعية التي من الله بها عليه في قوله "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلّكم تشكرون" النحل/ 78 إذا لم نوفّر له الوسائل ونوجّهه إلى استعمالها لإدراك الحقائق عن طريقها ويكتسب المعارف بواسطتها.
5)- اِعتماد القواعد التربوية المعروفة والمبنية على أساس علم النفس التربوي منها: الانطلاق من المعلوم إلى المجهول
ومن المحسوس إلى المجرّد ومن الجزء إلى الكلّ ومن البسيط إلى المركّب ومن العام إلى الخاص ومن السهل إلى الصعب ...الخ
فإذا أخذنا على سبيل المثال القاعدة الأولى " الانطلاق من المعلوم إلى المجهول" تمكّنّا من تطبيقها في مراجعة ما له علاقة بالدرس أو في تذكير التلاميذ أثناء الدرس بما له علاقة بأحد عناصره ...الخ ،أو بالرجوع إلى إحدى الصيغ المفردة المعروفة لدراسة صيغة مجهولة وذلك في شرح المفردات.
وعلى الأستاذ أن يحسن استغلال هذه القواعد في أساليب تدريسه لمختلف الأنشطة.
6)- على الأستاذ أن يبني درسه على مراحل وخطوات مضبوطة ومنتظمة ويفقه أهداف كلّ مرحلة مستغنيا عن المرحلة التي لا فائدة ترجى منها ومركّزا على الخطوات الأساسية المساعدة على تحقيق أهداف الدرس، مثال ذلك: الاستغناء عن القراءة الصامتة في الأقسام الضعيفة وتأجيلها إلى ما بعد القراءة النموذجية.
التركيز على التطبيق في دروس التكنولوجية والعلوم والعبادات

هـ)- نشاط الأستاذ وموقفه:
1)- الموجَه والمنشَط: دور الأستاذ في الدرس يقتصر على التوجيه والتنشيط لا على الاستحواذ على الحصة وحرمان التلاميذ من المشاركة وعليه أن يعرف كيف يثير تساؤلاتٍ ومشاكلَ تدفع تلاميذه إلى البحث عن المعرفة وإشباع غريزته في حب الاطلاّع.
2)- القدوة: أن يكون قدوة حسنة لتلاميذه في معاملته وتنظيمه والمحافظة على وثائقه والعناية بهندامه وفي تصرفاته المختلفة وفي حبّه للمعرفة.
3)- المراقبة والملاحظة: وعليه أن يسهر على مراقبة وثائق تلاميذه ويوجّههم إلى العناية بها وحسن استعمالها، ويلاحظ سلوكاتهم وتصرّفاتهم في الحديث والمعاملة ويتتبع نتائجهم مستغلاًّ عنصر التحفيز والتشجيع للتحسنّ متفاديا كل تصرّف يثبط عزائمهم وعليه في الأخير أن يختار المكان المناسب للوقوف متجنّبا كثرة التنقلات دون طائل في القسم أو الوقوف في مكان يحجب الكتابة عن تلاميذه، وأن تكون نظراته غير مركزّة على التلميذ المتحدّث أو جهة معيّنة، ويتفادى تكرار بعض الكلمات أو الحركات.

و)- صفات الأستاذ:
- القدرة على التكيّف والملائمة، الاهتمام بالرسالة التربوية ( حب العمل، حب التجديد والتطوير، الصبر والمثابرة، الميل إلى الاطلاع على الجديد، حب الأطفال ...)
- أن يتصف بالأمانة والوفاء بالوعد والأخلاق الفاضلة لاسيما في المحيط المدرسي.
- أن يتّصف بروح القيادة: يكون واثقا بنفسه متفائلا، حازما، داعيا مولاه أن يفقه ويوفّق أبناءه ...الخ

* الأستاذ أمحمد عكي علواني، موجه تربوي ومفتش بمدرسة الحق العلمية، البليدة.

المعلم بين الأمس و اليوم

حين تغيب الرؤية وينعدم الهدف وتُنْسَى الرسالة ويُفتقد المنهج الفكرى والعملى فى التخطيط والتنفيذ، يحدث بكل يسر وسهولة ما نراه من مآسٍ فى ما يسمى عندنا بالنظام التعليمى، ويصاب بكل ما نلمسه فيه من أمراض وأوبئة، مثل الدروس الخصوصية وضعف مستوى الخريجين والانفصال عن الواقع وإضعاف الانتماء للوطن واللغة والأمة.
صرنا لا نرى – إلا نادرًا – ذاك المعلم الذى يذهب فى الصباح وهو يشعر أنه يحمل رسالة تجاه المجتمع يؤديها من خلال وظيفته ويبث فى نفوس طلابه قيمًا تُغَيِّر وجْه هذا المجتمع؛ ولذا لم نعد نسمع قول شوقى:


               قـم للمـعـلـم وفـه التبجـيلا ●●● كــاد المـعـلـم أن يكــون رسـولا

              أعلمت أشرف أو أجل من الذى ●●● يبنى وينشئ أنفسا وعقولا
لأن المعلم بوضعه الحالى لم يعد أهلا لتبجيل لأنه تخلى عن حمل الرسالة، سواء كان تخلِّيه هذا بإرادته أو قهرًا عنه، فالظروف التى يمر بها المعلمون، الذين هم العمود الفقرى للعملية التعليمية، من قلة الرواتب.. وضعف التأهيل والتدريب.. إلى جانب البيروقراطية الكئيبة التى تفرض عليهم طقوسًا لا قيمة لها عمليا من الإمساك بدفاتر يكتبون فيها كلاما روتينيًّا لا يطبق – غالبًا – على أرض الواقع عن الدروس التى يشرحونها.. وكَوْنُ النظام التعليمى بوضعه الحالى لا يحضُّ على الابتكار والإبداع.. فضلا عن إهانة اختبارات الكادر وغيرها، ليست بالأمر الذى يخفى على أحد.
وهو ما يصدق عليه قول الشاعر الفلسطينى إبراهيم طوقان الذى عارض قصيدة شوقى قائلا:
                                  
           لو جرب التعليم "شوقى" ساعة ●●●لقضى الحياة شقاوة وخمولا
           يـكـفى المعلــم غمَّـة وكـآبـة ●●● مـرأى الدفـــاتـر بكـرة وأصيلا 
          لا تعجبوا إن صحت يوما صيحة ●●● ووقعت ما بين الفصول قتيلا
           يـا مــن يريد الانتحـار وجدته ●●● إن المـعـلـم لا يعيـش طــويلا
لقد غابت الجدية والانضباط عن العملية التعليمية ولم يعد أحد يأخذ أمر التعليم (النظامى) على محمل الجد، فالمهم فى النهاية مجرد ورقة يحصل عليها الطالب بعد سنوات من الحفظ والصم والملل وقلة الفائدة، ليتوجه بها إلى سوق العمل آملا فى الحصول على فرصة عمل لا علاقة لها فى الغالب بما تقول هذه الورقة أنه تخصصه، وبالتالى يضيع ما فات من عمر وجهد هباء منثورا.


                                                                                       منقول للفائدة

dimanche 25 novembre 2012

اصلاح المنضومة التربوية :اسباب الفشل

صلاح المنظومة التربوية : أسباب الفشل  منقول للفائدة
بقلم : ج. مسعودي ، عضو في نقابة الكنابست

إن نسبة النجاح المتعالية في البكالوريا التي تعلن عنها وزارة التربية كل عام وسط ضجة إعلامية كبيرة، وهذا منذ الشروع في إصلاح المنظومة ، لا يمكن أن تخدعنا: فالمدرسة الجزائرية لا تسير قدما، بل إنها تتخبط في مشاكل كبيرة. فإلى ماذا يعود فشل إصلاحات بن بوزيد وفريقه ياترى؟ فيما يلي بعض الإجابات على هذا السؤال.

أولا، قبل الشروع في أي تغييرات في قطاع حساس مثل التعليم، كان ينبغي أن يفتح نقاشا وطنيا عاما [1] لتحسيس المجتمع و إعداده لأي تغيير مستقبلي. الشيء الذي لم يقام به أبدا حسب علمنا، لا على مستوى وسائل الإعلام الثقيلة المؤثرة و لا على مستوى الصحافة، باستثناء بعض مقالات متفرقة نشرت في بعض صحف مستقلة. وثانيا، كان ينبغي أن تتفحص الأمور المرتبطة بالمدرسة بطريقة شاملة و على أساس بعثات ميدانية لإلقاء النظرة عن كثب على الظروف التي ستطبق فيها التوجهات الجديدة، و لمقابلة و محاورة العاملين بهذه التوجهات [2]. الشيء الذي يبدو أنه قد تم جزئيا، أي بالاقتصار على المناطق الحضرية فقط. وعلاوة على ذلك، فحتى في المرحلة التجريبية، لم تفتح أقسام تجريبية إلا في بعض المؤسسات التربوية الواقعة في المدن الكبرى. فهل وزير التربية وفريقه يجهلان إلى هذا الحد بأنه لا يمكن أن يتصور نجاح برامج وطنية قائمة فقط على أساس البيانات التي يتم جمعها في منطقة محدودة، أي المدينة، التي هي أكثر ملاءمة للتعليم والتعلم، مقارنة بالريف، بسبب توافر المرافق المختلفة فيها، كالمكتبات و قاعات المعلوماتية و الانترنت ، الخ..؟

إذن ، بسبب إهمال بعض جوانب من هذه المرحلة المهمة جدا في عملية الإصلاح التربوي، لم يكن بإمكان بن بوزيد وفريقه أن يكونا سوى فكرة غامضة عن مشاكل واحتياجات المدرسة الجزائرية و قدرتها على التكيف مع النظام الجديد. وبعبارة أخرى، فبما أن التشخيص الميداني كان جزئيا، لم يكن للعلاج إلا أن يكون ناقصا.

الواقع الميداني :

يمكن لدراسة بسيطة على نطاق دائرة من دوائر المناطق الداخلية للبلاد أن تكشف لنا على أن هناك بالفعل نقص كبير جدا في عدد المؤسسات [3] في الأطوار الثلاثة. و إذا ألقينا نظرة خاطفة داخل المؤسسات المتوفرة، سنكتشف بأنه بسبب نقص المدارس، فإن الأقسام أصبحت مكتظة (40 تلميذ / فوج في بعض المؤسسات). أضف إلى ذلك أن الوسائل التربوية والمرافق (مكتبات مدرسية ، مخابر العلوم / اللغات ، قاعات المعلوماتية، الإنترانت / الإنترنت ، الخ.) تكاد أن تكون منعدمة فيها. و زيادة على ذلك كله، فإن المعلم لم يكن أبدا مهيئا بكل جدية للتعليم بالطريقة الجديدة، أي تلك التي تفرضها المقاربة بالكفاءات. بالتأكيد لقد سبق و أن نظمت دورات تربصية لهذا الغرض، و لكن ماذا يمكن للمعلم أن يتعلمه من مؤطر يستوي معه في المستوى التعليمي و قد يتجاوزه في الأقدمية؟ فحتى المحاضرات و الأيام الدراسية و التربصات التي تنظم من حين لأخر تحت إشراف مفتشي المواد فهي في نهاية المطاف غير مجدية، وذلك لأن الواقع كما وصفناه أعلاه يجعل توجيهاتهم، التي تستند فقط على النظري، غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

فالمقاربة بالكفاءات تستند على فكرة أن الطالب يمتلك معارف قبلية و خبرات مكتسبة من خلال ممارساته اليومية و يكفي أن يوظفها، مع مساعدة من المعلم إن استلزم ذلك، حتى يحقق مختلف الكفاءات في مختلف الوضعيات. قد يكون هذا صحيحا، و رغم ذلك إلى حد ما، إذا كان الطالب يعيش في مجتمع منفتح و مثقف وسط مرافق مجهزة بالتكنولوجيا الحديثة. لأنه، في هذه الحالة، باحتكاكه بالمثقفين و بممارسته لنشاطات متنوعة فيها الكثير من التحديات، يكون قد اكتسب بالفعل بعض المهارات الأساسية التي يمكن للمعلم تنميتها و تفعيلها في القسم من خلال وضع الطالب في ظروف مماثلة لتلك التي يعيش فيها يوميا. و عليه، فإن المواضيع المقترحة في الكتب المدرسية الجديدة ترتبط كلها بواقع الحياة اليومية للمتمدرس، و المعلم مطلوب بإنهاء كل وحدة تربوية بمشروع يقوم به التلاميذ على أساس معلومات حقيقية يتم جمعها في الميدان مستعينا بالتقنيات والمعدات المستعملة في الحياة الحديثة. من الواضح أن كلا من المدرس و التلميذ اللذان حالفهما الحظ في العيش في محيط حضري لا يمكن إلا أن يكونا راضيان عن عملهما بهذه الطريقة الجديدة. و لكن ماذا عن التلميذ والمدرس اللذان يعيشان في المناطق النائية، كما هو الحال في بعض مناطق القبائل أو في الجنوب الجزائري حيث الظروف تضاهي "الصحراء الثقافية" ؟ [4]

بافتقارها إلى العدد الكافي من المدارس، وجدت بعض مناطق البلاد نفسها مرغمة على تكديس 40 أو حتى 50 تلميذ في كل قسم. و الأسوأ من ذلك أن المؤسسات تعمل بوسائل بدائية، أي فقط بالسبورة وقطعة من الطباشير. في ظل هذه الظروف، لا يمكن للمعلم، و حتى إن كان يمتلك كفاءات عالية، أن يحس بالرضا و هو ينفذ ما في البرامج الجديدة بالمنهجية الجديدة. و ذلك لأن اكتظاظ الأقسام يجعله مثلا يعجز عن تكوين أفواج عمل على النحو المطلوب في النظام الجديد. وإذا أضفنا عدم توافر الوسائل التعليمية الحديثة مثل الإنترنت
داخل المؤسسات، أو صعوبة الوصول إليها بالخارج بالنسبة للبنات (و هن يشكلن أكثر من نصف القسم) لاعتبارات ثقافية، لا يمكننا إلا أن نتفق على حتمية الفشل الذي يتربص كل يوم في القسم بالمعلم والمتعلم. و بطبيعة الحال، سوف يقوم المدرس كعادته بمحاولة للحد من الضرر باستخدام الطريقة القديمة التي تعتمد على إلقاء الدروس بصورة آلية ثم حل التمارين، و لكن ذلك يكون بالمخاطرة بمساره، لأن توجيهات المفتشين تصر على عدم نقل المعرفة للطالب بتلك الطريقة، لأن هدف هذا الأخير في التعلم أصبح الآن ليس كسب المعارف و إنما تنمية الكفاءات الذاتية !

و مع تعدد الأقسام المسندة لكل معلم، يعتبر الاكتظاظ عقبة أخرى تحول دون القيام بتقويم مستمر جاد [5]. فلمراقبة النشاطات المتنوعة لكل تلميذ، ينبغي على المعلم أن يفتح ملفا يحتوي على شبكات تقويم فردية. ولكن كيف سيتم ذلك و المعلم مكلف أحيانا بتدريس سبعة أقسام، و كل واحد يزيد بكثير عن الثلاثين عنصرا ؟ ليس إذن من المستغرب أن العديد من المعلمين، لملء الخانة المخصصة لعلامة التقويم المستمر في الكشوف، لا يستعملون في الواقع سوى علامة واحدة؛ أي تلك التي لها علاقة بجانب واحد سهل للملاحظة عند التلميذ في القسم : السلوك.

و كما لو كان كل هذا غير كاف، يقيد التلاميذ في المؤسسة بجدول زمني مغلق بإحكام من الساعة 8 صباحا إلى الـ5 مساءا. فباستثناء يومين من عطلة نهاية الأسبوع اللذين ينبغي أن يخصصوا جزءا منهما للاسترخاء و جزءا أخر للمراجعة، فإن التلاميذ لا يملكون تقريبا أي وقت فراغ خلال الأسبوع للبحث عن المعلومات تحضيرا للمشاريع التي تسند لهم في كل مادة. مرة أخرى، ليس من المدهش أن يستلم المعلم بحوثا تفتقر إلى أدنى معايير الجدية، بل كثيرا ما تكون تلك البحوث مجرد نسخ طبق الأصل لعمل وحيد قام به تلميذ يملك إمكانيات أو حتى صاحب مقهى انترنيت ! و بالتالي يستحيل على المعلم تقويمه و منحه أية ملاحظة جادة.

ختاما ، نستطيع القول بأن إدخال النظام القائم على المقاربة بالكفاءات في المنظومة التربوية الجزائرية يعتبر عملا جبارا، و عليه كان ينبغي أن يشرك فيه المعلمين ومسؤولين من الوزارات و خبراء أجانب. و كان ينبغي أن يكون العمل بالتنسيق مع مصلحة ما في مجال البحث والابتكار التكنولوجي و التربوي بوزارة التربية؛ المصلحة التي كان سينبغي أن تستفيد من مساعدة من المؤسسات الأجنبية التي لها خبرة واسعة في تنفيذ هذه المناهج. ولكن بما أن لا شيء من هذا القبيل قد تم القيام به، و بما أن الأرضية لم تهيأ، فإن الطريقة الجديدة في التعليم و التعلم، و التي أقحمت على عجل من دون علم و لا استشارة الجهات المعنية، لا يسعها إلا أن تفشل مهددة مستقبل جيل كامل من المتعلمين.

_____________________________

[1] "يجب أن يكون الإصلاح بإشراك جميع المعنيين ، أي المعلمين و أولياء التلاميذ و النقابات. في بلادنا، انعدام التشاور والحوار هما اللذان أديا إلى الفشل الكامل لجميع الإصلاحات التربوية "، قال محمد شريف بلقاسم ، المدير العام لكلية الدراسات العليا للتسيير (ESG) ، في واحدة من المنتديات النادرة التي نظمت في الصحف الوطنية حول موضوع التعليم في الجزائر. (من جريدة الوطن ، طبعة 14 يوليو 2009).

[2] بالتأكيد ، في مايو 2000 ، كان هناك تشكيل اللجنة الوطنية لإصلاح نظام التربية والتعليم (CNRSE) برئاسة بن زاغو؛ اللجنة المكونة من الأكاديميين والمثقفين وممثلين عن مختلف القطاعات الاقتصادية و المجتمع المدني. للأسف ، فإن التقرير النهائي الذي تم على أساس المعلومات الميدانية التي جمعتها اللجنة الوطنية للبرامج (CNP) التي تخضع لها المجموعات المتخصصة في المواد (GSD)، لم تنفذ توصياتها أبدا؛ لقد أضحى التقرير مجرد مسودة ترمى في سلة المهملات، و ذلك على ما يبدو، بسبب طبيعته التي اعتبرت من قبل حراس معبد الظلامية مفرطة في الحداثة.

[3] عدد المدارس الابتدائية (18770)، و المتوسطات (4137) و الثانويات (1541) على المستوى الوطني هو كبير بالتأكيد ، وخاصة بالنسبة للطورين الأول والثاني ، ولكن لا تنخدعوا، فإن هذه الأرقام مضللة، لأنه إذا أخذنا بعين الاعتبار قدرة استيعاب مؤسساتنا، فسوف نكتشف أن عدد الأقسام / القاعات، بالنسبة لمعظمها، قليل جدا، مما يزيد من عدد الطلاب في كل فوج .

[4] مقارنة بالطريقة التقليدية، فالمقاربة بالكفاءات تعتمد أكثر على مستوى عال من الثقافة العامة و إتقان اللغة، الشيء الذي يضع أطفال الأسر الأكثر ثراء و / أو المناطق الحضرية في مواقع أفضل بكثير من أطفال الفقراء و / أو المناطق الريفية، مما يعزز الفوارق الاجتماعية.

[5] لكي يكون مفيدا حقا، لا ينبغي أن يكون التقويم محصورا على علامة الكشف. بل يجب أن يسجل مدى تقدم التلميذ وطريقته في التعلم (التقويم التكويني)؛ بعده يجب قياس إنجازات الطلاب في أوقات محددة (التقويم الختامي). فبهذه الطريقة فقط يمكن للمعلم أن يمتلك معلومات صحيحة وبيانات موثوق بها عن مواطن القوة والضعف لتلميذه؛ النتائج التي يجب على المعلم أن يخبر عنها كلا من التلميذ و وليه.
 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 ثانوية الجزائر

تعريب مداد الجليد